تأصيل الإعجاز
العلمي في القرآن والسنة
الشيخ عبد المجيد الزنداني
مقدمـة
الحمد لله والصلاة
والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله وصحبه وبعد … فإن البشرية تعيش منذ
قيام الثورة الصناعية في أوروبا صراعاً بين العلم والدين اتسعت ساحته حتى شمل
معظم ميادين العلم والمعرفة في أنحاء العالم .ولقد شقيت البشرية بهذه المعركة
التي كان الدين المحرف هو المتصدر في هذا الصراع حيث رؤى أن الدين خرج منهزما في
حلبة الصراع وبانهزامه بقيت البشرية تتخبط في متاهات الظلام والحيرة ، تجرب بدون هدى
، وتسير إلى غير هدف ، تتجرع غصص الفشل المتكرر وتتكبد مرارته بين الحين والآخر
.لقد حدث هذا في غياب الإسلام عن ساحة المعركة والإسلام هو الدين الحق الذي يتفق مع الحق
في كل صوره ، بل يحتضن الحق ويدعمه أنى كان ، وحيثما كان ومن أية جهة جاء (الحكمة ضالة المؤمن حيث وجدها فهو أحق بها)[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط].والإسلام هو
الدين الذي يتبنى العلم منهجاً لمعرفة الله سبحانه معرفة رسوله
rومنهجاً لمعرفة الدين
نفسه وتبين صدقه ولمعرفة
الوجود من حولنا. وحسبنا
قول ربنا جل وعلا :﴿ وَلَا
تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ
إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ
مَسْئُولًا ﴾(الإسراء:
36).وقوله :﴿ فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ﴾(محمد:19) .ولقد تنبه
علماء المسلمين إلى هذا الصراع الدائر بين العلم والدين المحرف وإلى محاولة
أعداء الإسلام نقل المعركة إلى بلاد المسلمين فبدأوا
يكتبون عن الإسلام
والعلم فإذا بهم يضعون أيديهم على معجزة تجلت في هذا العصر أيد الله
بها دينه الحق
ألا وهي:الإعجاز العلمي في القرآن والسنة.وكان ذلك تحقيقاً لوعده جل وعلا﴿سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ
حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَق﴾ُّ( فصلت:53).وبدأت الكتابات
تتوالى في هذا الباب ، ومنها ما أجاد فيها أصحابها ومنها ما يحتاج إلى
تصويب وتقويم .ولذلك بادر المجلس العالمي الأعلى للمسجد باتخاذ قرار إنشاء
هيئة الإعجاز
العلمي في القرآن والسنة ليكون من أولى مهماتها :
1-تطوير أبحاث الإعجاز العلمي
.
2- تمحيص وتقويم
ما يكتب في هذا المجال .
3- نشر الصالح من هذه
البحوث .
4-
وضع الضوابط للكتابة في
هذا الموضوع .
وتحقيقاً لذلك قامت الهيئة بعقد المؤتمر العالمي الأول للإعجاز
العلمي في القرآن والسنة بالتعاون مع رابطة العالم الإسلامي والجامعة
الإسلامية العالمية في
إسلام آباد بباكستان في الفترة من 25-28 صفر 1408هـ الموافق 18-21/10/1987م وكان من
أهم ما عرض في هذا المؤتمر بحوث التأصيل لهذا العلم الجديد في عصرنا .ويسر الهيئة
أن تقدم للباحثين وللقراء عموماً بعض بحوث التأصيل التي قررت الهيئة – في
اجتماعها مع اللجنة الإستشارية في 14-16 رمضان 1409هـ
نشرها للاستفادة
منها .كما يسر الهيئة أن تلحق بها توصيات المؤتمر .سائلة
المولى جل وعلا أن يأخذ بأيدي العاملين للإسلام وأن يوفقهم ويهديهم سواء السبيل
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .
1-المعجزة العلمية فـي
القرآن والسنة
الشيخ عبدالمجيد الزندانـي
أمين هيئة
الإعجاز العلمي في القرآن والسنة
تقديـم
بقلم : سماحة الشيخ جاد الحق على جاد
الحق – شيخ الأزهـر
الحمد لله علم الإنسان
ما لم يعلم ، والصلاة والسلام على رسول الله r، الذي خاطبه ربه
بقوله﴿ وَعَلَّمَكَ
مَا لَمْ
تَكُنْ
تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا ﴾(النساء:113)
.. وعلى آله
وأصحابه الذين حملوا مشاعل علوم هذه الرسالة فأصلوا وفصلوا ما فيها من كنوز…وبعـد :فمع
كثرة الشواغل تزاحم الأعمال : طالعت على عجل البحث المقدم من السيد الشيخ عبدالمجيد الزنداني بعنوان "المعجزة
العلمية في القرآن والسنة" .. وقد ساق فيه جملة من الأفكار
التي تخدم بحثه مستنداً فيها على الأدلة النقلية من
الكتاب والسنة ،
وعلى الأدلة العقلية التي تستمد دلالاتها من الواقع المحس، وتعتمد على نتائج النظريات والتجارب
العلمية الحديثة..ولقد بدأ البحث بحد عرف فيه الإعجاز ، ثم عرف الإعجاز العلمي
في القرآن
والسنة.ثم تحدث عن أن لكل رسول معجزة تناسب ما تميز به قومه وقال : إن المعجزة
العلمية هي التي تناسب الرسالة العالمية الخاتمة والمستويات البشرية المختلفة ،
وأنه قد حان الوقت لاستظهار رؤية حقائق العلم الذي أنبأ به القرآن سَنُرِيهِمْ والسنة وساق
لذلكأمثلة متعددة من أنباء الأرض والسماء في القرآن والسنة ، التي تجلت في
عصر الاكتشافات﴿آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ﴾(فصلت:53)﴿ لِكُلِّ
نَبَإٍ مُسْتَقَرٌّ وَسَوْفَ تَعْلَمُونَ ﴾ (الأنعام:67)﴿إِنْ
هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ(87)وَلَتَعْلَمُنَّ
نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ﴾
(ص:87-88) وغير ذلك من
الآيات. وجاء في ذلك بأقوال السلف من المفسرين والمحدثين وغيرهم .وقد خلص إلى أن
أبحاث الإعجاز العلمي وقواعده ضرب من التفسير للقرآن يدخل تحت النوع الثالث من
الأنواع الأربعة ، التي ذكرها ابن عباس رضي الله عنهما
في قوله:
التفسير على أربعة أوجه :
1-وجه تعرفه العرب من كلامها .
2-تفسير لا يعذر أحد
بجهالته .
3-تفسير يعلمه العلماء .
4-تفسير لا يعلمه إلا الله .
ثم تحدث
عن الفرق بين التفسير العلمي والإعجاز العلمي ، وأبان عن مصادر أبحاث الإعجاز
العلمي ، وأنها فرع من فروع التفسير وجزء من شرح الحديث وإنه لما كانت هذه المصادر
قائمة على إظهار التوافق بين نصوص الوحي وبين ما كشف العلم التجريبي من حقائق الكون
وأسراره فهي كذلك تقوم على مصادر العلوم التجريبية إلى جانب العلم المتعلق
بتاريخها .وقد تناول قواعد أبحاث الإعجاز العلمي وصاغها ورتبها بما يجعلها تحيط
بالموضوع، جامعة موجهة لمن يتصدى لهذه الأبحاث عن علم وهدى ، مانعة لمن قعدت به
مواهبه، عن إدراكها ، وغابت عنه مصطلحات هذه العلم ، ودلالات النصوص الظنية
منها والقطعية ،
وما قد يقع بينها من توافق أو تعارض على نحو ما أجمل وفصل في هذا البحث المفيد .ثم تحدث عن أوجه
الإعجاز العلمي وأوجزها في نقاط خمسة ، وبين أهمية أبحاث الإعجاز العلمي وثمارها
.واختتم البحث بيان ميادين أبحاث الإعجاز العلمي مشيراً إلى أنها المجالات الكونية التي
جاء ذكرها أو الإشارة إليها في القرآن والسنة ، وتمكن العلم البشري من كشف أسرارها ،
وذلك إلى جانب الميادين التي يحتاجها الباحث لتفسير النصوص الشرعية تفسيراً صحيحاً
لا شطط فيه مع معرفة بتاريخ العلوم وتقدمها.وأضاف أن مسائل أبحاث الإعجاز العلمي:
هي المسائل التي يتصدى الباحث لحلها ، وأنها تجمع القضايا الشرعية ، والكونية ،
والتاريخية ، التي تبرز جوانب المعجزة العلمية في آيات الله الكونية والنفسية .وإذ
أقدم هذا البحث أشكر للأخ الجليل الشيخ عبدالمجيد الزنداني هذا الجهد في خدمة العلم
والدين ، فإن الإسلام كرم العلم وحث على الاستزادة والنظر المستمر في خلق الله
استثماراً في هذه الدنيا من خير للإنسان في دينه ودنياه وليزداد الذين آمنوا
إيماناً ، وليذكر أولوا الألباب .والله المستعان وهو ولي التوفيق ….
المعجزة العلمية في القرآن والسنة
الإعجاز العلمي
:
تعريف الإعجاز :
الإعجاز مشتق من العجز. والعجز : الضعف أو عدم القدرة
.والإعجاز مصدر اعجز : وهو بمعنى الفوت والسبق.[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]والمعجزة
في اصطلاح العلماء : أمر خارق للعادة ، مقرون بالتحدي ، سالم من المعارضة.[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
وإعجاز
القرآن :
يقصد به : إعجاز القرآن
الناس أن يأتوا بمثله.
أي نسبة العجز إلى الناس
بسبب عدم قدرتهم على الآتيان بمثله .
تعريف العلم :
وصف الإعجاز هنا بأنه
علمي نسبة إلى العلم .
والعلم : هو إدراك الأشياء على
حقائقها. أو هو صفة ينكشف بها المطلوب انكشافاً
تاماً.[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]والمقصود
بالعلم في هذا المقام : العلم التجريبي. وعليه فيعرف الإعجاز العلمي بما
يلي:
تعريف الإعجاز العلمي:هو إخبار القرآن الكريم أو السنة النبوية
بحقيقة أثبتها العلم التجريبي ،وثبت عدم إمكانية إدراكها بالوسائل البشريةفي زمن الرسول r.وهذا مما يظهر صدق
الرسول محمد rفيما أخبر
به عن ربه
سبحانه.لكل رسول معجزة تناسب قومه ومدة رسالته :ولما كان الرسل قبل محمد
rيبعثون إلى أقوامهم خاصة
، ولأزمنة محدودة فقد أيدهم الله ببينات حسية مثل : عصا
موسى عليه السلام ،
وإحياء الموتى بإذن الله
على يد عيسى عليه السلام ، وتستمر هذه البينات
الحسية محتفظة بقوة
إقناعها في الزمن المحدد لرسالة كل رسول ، فإذا حرف الناس دين الله بعث الله رسولاً آخر بالدين
الذي يرضاه، وبمعجزة جديدة ، وبينة مشاهدة .
المعجزة العلمية تناسب الرسالة
الخاتمة والمستويات البشرية المختلفة:ولما ختم الله النبوة
بمحمد r ضمن
له حفظ
دينه ، وأيده ببينة كبرى
تبقى بين أيدي الناس إلى قيام الساعة ، قال تعالى﴿ قُلْ أَيُّ
شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً قُلِ اللَّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ
وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ
﴾(الأنعام:19) ومن ذلك
ما يتصل بالمعجزة العلمية .وقال تعالى ﴿ لَكِنِ
اللَّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنْزَلَ إِلَيْكَ أَنْزَلَهُ
بِعِلْمِهِ ﴾ (النساء:166)
.وفي هذه الآية ، التي نزلت رداً على تكذيب الكافرين ، بنبوة محمد[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]rبيان لطبيعة
المعجزة العلمية ، التي تبقى بين يدي الناس ، وتتجدد مع كل فتح بشري في آفاق العلوم
، والمعارف ذات الصلة بمعاني الوحي الإلهي.قال الخازن عند تفسير
هذه الآية :"لكن الله يشهد لك يا
محمد بالنبوة ، بواسطة هذا القرآن ، الذي أنزله عليك"[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]وقال ابن
كثير :"فالله يشهد لك بأنك
رسوله ، الذي أنزل عليه الكتاب ، وهو القرآن العظيم … ولهذا قال :
أنزله بعلمه : أي فيه علمه الذي أراد أن يطلع العباد عليه ، من البينات والهدى ، والفرقان، وما يحبه الله ويرضاه ، وما يكرهه
ويأباه ، وما فيه
من العلم بالغيوب ، من
الماضي والمستقبل[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط].وقال
أبو العباس بن تيمية :فإن شهادته بما أنزل إليه ، هي شهادته بأن الله أنزله منه ،
وأنه أنزله بعلمه
، فما فيه من الخبر ، هو خبر عن علم الله ، وليس خبراً عمن دونه ، وهذا كقوله :﴿فَإِْ
لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا أُنْزِلَ بِعِلْمِ
اللَّهِ ﴾ (هود:14)وليس
معنى مجرد كونه أنزله أنه معلوم له ، فإن جميع الأشياء معلومة له ، وليس في ذلك ما يدل
على أنها حق ، لكن المعنى : أنزله فيه علمه ، كما يقال: فلان يتكلم بعلم ، فهو
سبحاه أنزله بعلمه ، كما قال:﴿ قُلْ
أَنْزَلَهُ
الَّذِي
يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ
(6)﴾[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط](الفرقان:6).وإلى هذا
المعنى ذهب كثير من المفسرين[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]وهكذا
تسطع بينه الوحي ، المنزل على محمد –صلَّى الله عليه وسلَّم – بما نزله فيه من علم
إلهي، يدركه الناس في كل زمان ومكان ، ويتجدد على مر العصور ، ولذلك
قال:"ما من
الأنبياء نبي إلا أعطى من الآيات ما مثله آمن عليه البشر ، وإنما كان
الذي أوتيته وحياً ، أو حاه الله إلى ، فأرجو أن أكون
أكثرهم تابعاً يوم القيامة".[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]قال ابن حجر
عند شرحه لهذا الحديث :"ومعجزة
القرآن مستمرة إلى يوم القيامة ، وخرقه للعادة في أسلوبه ، وفي بلاغته ، وإخباره
بالمغيبات ، فلا يمر عصر من الأعصار ، إلا ويظهر فيه
شئ مما أخبر به أنه سيكون ؛ يدل على صحة دعواه … فعم
نفعه من حضر ، ومن غاب ، ومن وجد، ومن سيوجد"[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط].﴿ إِنْ هُوَ
إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ(87)وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ
بَعْدَ حِينٍ (88) ﴾وبينة القرآن العلمية
يدركها العربي والأعجمي ، وتبقى ظاهرة متجددة إلى قيام الساعة .ففي
القرآن أنباء تعرف المقصود منها ، لأنها بلسان عربي مبين ، لكن حقائقها وكيفياتها لا تتجلى إلا بعد حين.قال تعالى : ﴿ إِنْ هُوَ
إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ(87)وَلَتَعْلَمُنَّ
نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ (88)
﴾
(ص:87-88) .قال الفراء في تفسير
الحين الذي ذكرته الآية أنه :"بعد الموت وقبله أي
لتظهر لكم حقيقة ما أقول (بعد حين) أي في المستأنف"[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]وذهب
السدي الكبير إلى هذا المعنى[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]وقال
ابن جرير الطبري ، بعد ذكر الأقوال المتعددة ، في تفسير الحين الذي ذكرته الآية
)وأولى الأقوال في ذلك
بالصواب ، أن يقال : أن الله أعلم المشركين بهذا القرآن أنهم يعلمون
نبأه بعد حين ، من غير حد منه لذلك الحين بحد ، ولا حد عند العرب للحين، لا يجاوز
ولا يقصر عنه ، فإذا كان ذلك كذلك ، فلا قول فيه أصح من أن يطلق ، كما أطلقه الله،
من غير حصر ذلك على وقت دون وقت[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط].﴿لِكُلِّ نَبَإٍ مُسْتَقَرٌّ وَسَوْفَ تَعْلَمُونَ (67) ﴾(الأنعام67).وشاء
الله أن يجعل لكل نبأ زمناً خاصاً يتحقق فيه ، فإذا تجلى الحدث ماثلا للعيان أشرقت
المعاني ، التي كانت تدل عليها الحروف والألفاظ في القرآن ، وتتجدد المعجزة العلمية
عبر الزمان ، وإلى هذا الزمن أشار القرآن في قوله تعالى: ﴿لِكُلِّ
نَبَإٍ مُسْتَقَرٌّ وَسَوْفَ تَعْلَمُون َ(67)الأنعام ﴾ (الأنعام67).ويبقى النبأ
الإلهي محيطاً بكل الصور ، التي يتجدد ظهورها عبر القرون.وقال ابن جرير
الطبري :"لكل نبأ مستقر ، يقول :
لكل خبر مستقر ، يعني قرار يستقر عنده ، ونهاية ينتهي إليها
ليتبين حقه وصدقه ، من كذبه وباطله .وسوف تعلمون. يقول : وسوف تعلمون أيها المكذبون
بصحة ما أخبر
به"[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]وقال
ابن كثير :قال ابن عباس وغير واحد : أي لكل نبأ حقيقة ، أي لكل خبر وقوع ،
ولو بعد حين ،
كما قال تعالى:
﴿وَلَتَعْلَمُنَّ
نَبَأَهُ بَعْدَ حِين
﴾ٍ(ص:88) ﴿لِكُلِّ
أَجَلٍ كِتَابٌ﴾ (الرعد:38).[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]إلى
هذا ذهب كثير من المفسرين[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]أنباء
الأرض والسماء في القرآن والسنة ، تتجلى في عصر الاكتشافات :وأن خبر القرآن والسنة ،
وما فيهما من أوصاف لما في الأرض والسماء ، هو نبأ إلهي عما في
الأرض والسماء ، ممن هو أعلم بما خلق فيهما من أسرار .﴿... قُلْ
أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي السَّمَوَاتِ
وَلَا فِي الْأَرْضِ ... ﴾ (يونس: 18)فالخبر بما في
الأرض والسماء ، نبأ عما في الأرض والسماء .ولقد زخر القرآن والسنة ، بأنباء الكون
وأسراره ، وتفجرت في عصرنا علوم الإنسان ،
باكتشافاته المتتالية ، لآفاق الأرض والسماء فحان الحين لرؤية حقائق العلم، الذي
نزل به الوحي في القرآن والسنة .﴿حَتَّى يَتَبَيَّنَ
لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ ﴾ (فصلت53).ولقد
أعلنت البشرية اليوم قبولها العلم طريقاً إلى معرفة الحق ، بعد أن كبلت طويلاً
بأغلال التقليد الأعمى ، فشيدت للعلم البناء ، وفرغت لخدمته العلماء ، ورصدت له الأموال ، وما
أن وقفت العلوم التجريبية على قدميها إلا وبدأت في تأدية رسالتها ، التي حدد الله
لها في جعلها طريقاً إلى الإيمان به ، وشاهداً على صدق رسوله .لقد نزل القرآن
في عصر انتشار الجهل ، وشيوع الخرافة ، والكهانة ، والسحر، والتنجيم، في العالم كله
، وكان للعرب النصيب الأوفى، من هذه الجاهلية والأمية ، كما بين
القرآن ذلك بقوله :
﴿هُوَ
الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ
وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ
قَبْلُ لَفِي
ضَلَالٍ
مُبِينٍ ﴾ (الجمعة:2).لقد نزل
القرآن على قوم استماتوا في الصد عنه ، دفاعاً عن أصنامهم ، التي كانوا عليها
عاكفين ، وتعلقاً بما آمنوا به من خرافات السحر، والكهانة،والتنجيم ، وأوهام الازلام ، والتشاؤم من بعض الشهور ، ومن مرور بعض أنواع
الحيوان ، وجادلوا عن
ضلالتهم في طلب الحماية من ملوك الجان ، في الشعاب والوديان .وهذا مثل من الضلال
الفكري ، الذي كان عليه العرب عند نزول القرآن وكان العرب أمة أمية ، وبعد أن حثهم
رسول الله r على القراءة والكتابة
والعلم. والحساب ، لم يجدوا أمامهم من أدوات الكتابة إلا الجلود ، والأحجار الرقيقة، وعسب النخل ، وعليها كانوا كتبون.[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]في
ذلك العصر ، وعلى تلك الأمة ، نزل الوحي ، وفيه علم الله ، يصف أسرار الخلق في شتى
الآفاق ، ويجلي دقائق الخلق في النفس البشرية ، يقرر البداية ، ويصف أسرار الحاضر،
ويكشف غيب المستقبل الذي ستكون عليه سائر المخلوقات.وعندما دخل الانسان في عصر الاكتشافات العلمية ، وامتلك أدق
الأجهزة للبحث العلمي
، وتمكن من حشد الجيوش من الباحثين ، في شتى الآفاق، وجمعهم في ميادينه، على اختلاف
الأجناس ، يبحثون عن الأسرار المحجوبة في آفاق الأرض والسماء ، وفي مجالات النفس
البشرية ، يجمعون المقدمات ، ويرصدون النتائج ، في رحلة طويلة عبر القرون ، فإذا ما
تكاملت الصورة ، وتجلت الحقيقة وقعت المفاجأة الكبرى ، بتجلي أنوار الوحي الإلهي ،
الذي نزل على محمد rقبل ألف وأربعمائة عام ، بذكر
تلك الحقيقة في آية من القرآن أو بعض آية ، أو في حديث لرسول الله r أو بعض حديث
بدقة علمية معجزة، وعبارات مشرقة، وبهذا أنبأنا القرآن.قال تعالى : ﴿قُلْ
أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ثُمَّ
كَفَرْتُمْ بِهِ مَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ هُوَ فِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ (52) سَنُرِيهِمْ
آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ
الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ(53)
﴾ (فصلت:52-53) فهيا
لنتدبر بعض معاني هذا النص القرآني:لقد ورد الأفق في اللغة بمعنى : ما ظهر من نواحي
الفلك وأطراف الأرض، وآفاق السماء: نواحيها[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]وآيات
الله في آفاق الأرض والسماء تحمل معاني ثلاثة: الأول :
المخلوقات التي خلقها الله في شتى آفاق الأرض والسماء مثل قوله تعالى: ﴿وَمِنْ
آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا
بَثَّ
فِيهِمَا
مِنْ دَابَّةٍ ... ﴾(الشورى:29).
الثاني :
آيات القرآن التي تخبر وتصف أنواع المخلوقات ، وهي آيات كثيرة.
الثالث :
البينات والمعجزات التي يظهرها الله تصديقاً لرسول
rفي شتى آفاق الأرض
والسماء برؤية مصداقها من حقائق الخلق حينا بعد حين.قال الشوكاني :﴿سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا
فِي الْآفَاقِ ﴾: سنريهم صدق
دلالات صدق القرآن ،
وعلامة كونه من عند الله في الآفاق وفي أنفسهم …. والمعنى : سنريهم آياتنا في النواحي وفي
أنفسهم[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط].وقال
ابن كثير :﴿سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي
أَنْفُسِهِمْ ﴾: أي ستظهر لهم دلالاتنا ،
وحججنا ، على كون القرآن حقاً منزلا من عند الله ، على رسول الله rبدلائل
خارجية في الآفاق[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط].وقال
الزمخشري :ومعناه أن هذا الموعود ، من إظهار آيات الله
في الآفاق ، وفي أنفسهم سيرونه ويشاهدون، فيتبينون عند
ذلك أن القرآن تنزيل عالم الغيب ، الذي هو على كل شئ
شهيد ، أي مطلع ومهيمن ،
يستوي عنده غيبه وشهادته ، فيكفيهم ذلك دليلاً على أنه حق وأنه من عنده[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
.بهذا قال كثير من المفسرين عند تفسير قوله تعالى: ﴿حَتَّى يَتَبَيَّنَ
لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ ﴾ وقال أبو العباس بن
تيمية :وأما الطريق العياني : فهو أن يرى العباد من
الآيات الأفقية والنفسية ، ما يبين لهم أن الوحي الذي بلغته الرسل عن الله حق ، كما
قال تعالى:
﴿سَنُرِيهِمْ
آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ
لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ
شَيْءٍ شَهِيدٌ (53 ) ﴾ أي: أولم يكف بشهادته
المخبرة بما في علمه ، وهو الوحي الذي أخبر به
الرسول rفإن الله على كل شئ شهيد وعليم به.[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]ولقد
قرر عطاء وابن يزيد أن معنى (الآفاق) المذكورة في الآية هو ما نقله عنهما القرطبي في
تفسيره:"وقال عطاء وابن زيد
أيضاً : في (الآفاق) يعني أقطار السموات والأرض، من
الشمس والقمر ، والنجوم والليل والنهار ، والرياح والأمطار ، والرعد والبرق،
والصواعق ، والنبات والأشجار ، والجبال والبحار ، وغيرها"[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط].وروى
هذا عنهما عدد من أئمة التفسير[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط].وفي
الجلالين :﴿سَنُرِيهِمْ
آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ ﴾: أقطار السموات والأرض من النيران
والنبات والأشجار.﴿وَفِي أَنْفُسِهِمْ ﴾ : من لطيف الصنعة وبديع
الحكمة[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط].فهذه
آيات الله في كتابه تتحدث عن آياته في مخلوقاته ، وتتجلى بمعجزة علمية بينة تسطع في
عصر الكشوف العلمية في آفاق الكون .
السبت نوفمبر 10, 2012 11:35 am من طرف دموع
» افضل قاموس قابلنى ناطق easy lingo
السبت نوفمبر 10, 2012 11:19 am من طرف دموع
» اعطال جولد ستار
الأربعاء أكتوبر 17, 2012 4:03 am من طرف مجيد
» حصرى جمع سوفتات وبرامج الاجهزة الصينى الحق
الأربعاء أكتوبر 12, 2011 8:44 pm من طرف ايمن عشماوى
» انفراد لــعبة الاكشن الاكثر من رائعــة Project IGI 2 Covert Strike Rip ، و على اكثر م
الأربعاء أكتوبر 12, 2011 8:34 pm من طرف ايمن عشماوى
» طريقة تحويل مودم easy الى روتر بي الفديو لعمل الشيرينغ على الأجهزة التي تحتوي مخرج أن
الأحد أكتوبر 02, 2011 6:58 pm من طرف ايمن عشماوى
» المنتدى الأسلامى العام
الإثنين سبتمبر 19, 2011 1:03 am من طرف ايمن عشماوى
» المصارعة الحرة احدث عروض المصارعة العالمية هنا على منتديات العرب سات
الإثنين سبتمبر 19, 2011 12:56 am من طرف ايمن عشماوى
» دائرة صاعق كهربى3000فولت بالبطارية9فولت
الأربعاء يوليو 06, 2011 4:53 pm من طرف وليد الجن